X

من سيحكم العالم؟

من سيحكم العالم؟

عبدالحي ابن يعيش

تشكل سياسة الحروب بالوكالة التي تنهجها الأقطاب العالمية وحلفاؤها محركا للتحولات الاقتصادية والجيوستراتيجية في شتى بقاع العالم.

يعتبر قطبا الولايات المتحدة الأمريكية والصين من رواد قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والصناعات العسكرية في العالم، مما يجعل باقي دول العالم حلفاء نسبيين لكل طرف منهم.

تفرض تبعية سواء الصين أو أمريكا على الدول خاصة النامية منها توخي استراتيجيات يغلب عليها طابع الحكامة في منظومة العلاقات الدولية تجنبا لمواجهات مرتقبة مع باقي أقطاب القوة، من الناحية الاقتصادية والعسكرية خصوصا.

هذا المقال سيتطرق لتأثيرات كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين وحلفائهم على تطورات الأوضاع الأمنية والاقتصادية في كل من الدول العربية والقارة الأوروبية ومنطقة شرق اسيا، وتحليل الوضعية العالمية الراهنة للإجابة عن الأسئلة الأتية:

الى اي مدى تسعى الصين وروسيا الى تقزيم الهيمنة العسكرية والاقتصادية للولايات المتحدة؟ وهل تقوى اوروبا ان تعادي الصين استرضاء لأمريكا؟

هل الأزمة الروسية الأوكرانية بوسعها اعادة تشكيل العالم اقتصاديا وسياسيا بما يتفق مع موازين القوى العالمية الجديدة؟

التحولات الجيوستراتيجية الدولية

تشهد العلاقات الدولية تغيرات متسارعة في كل بقاع العالم بدءا بتطبيع علاقات تركيا مع كل من ايران واسرائيل، وتدخلات كل من الامارات العربية المتحدة وجمهورية مصر، لإيجاد مقاربة تهدف لاستقرار العلاقات الإسرائيلية مع دول المنطقة، و انتقالا الى فرض دخول نظام بشار السوري الى مجمع الدول العربية بتخطيط روسي وتزكية إماراتية، ثم تحسين العلاقات السعودية الإيرانية بوساطة صينية، وعودة استقرار تدريجي للأوضاع في اليمن بمباركة إيرانية وصينية، وتأزم الاوضاع الاقتصادية والأمنية في لبنان وتونس، وتحسن العلاقات المصرية مع كل من تركيا وقطر، و تلطيف الاوضاع لرجوع ايران الى حاضنة الدول العربية بضمانات صينية و روسية بهدف التوغل داخل الدول العربية وتغيير توجهاتها.

إن ما تشهده حاليا الدول العربية، يجعل محلل الشأن السياسي يستحضر كرونولوجيا صراعات الحروب العالمية الاولى والثانية، التي شهدت جغرافية أوروبا مسرحا لها، في ظل تنازع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي وألمانيا، مما نتج عنه التفوق السيادي لأمريكا وامتيازها بصفة أحادية القطب على المستوى الدولي، وخول لها القدرة على تغيير استراتيجيات الدول بتحويل الخلافات الى مصالح اقتصادية وسياسية وعسكرية تخدم أهدافها.

يعتبر تسارع الاحداث الجارية، ثمرة تخطيط جيوسياسي محكم، هدفه الأسمى زيادة عدد حلفاء التنين الصيني والدب الروسي وقلب الطاولة على كل من يعاديهم، تهيئاً لضم أعضاء جدد في نظام البريكس الذي يسعى أعضاؤه الخمس تقزيم قيمة الدولار الامريكي في الأسواق العالمية.

فهل ستستمر الولايات المتحدة الأمريكية في فرض هيمنتها على دول العالم؟ أو ستنضاف أقطاب ترغم أمريكا وحلفاءها التنحي أو تقاسم العرش؟

تشكل 23 دولة أوروبية، بالإضافة لدول أمريكا الشمالية لواء حلف الشمال الأطلسي، المصنف الأقوى عالميا منذ ما يقارب ثمانية عقود، والتي تعتبر أمريكا قاطرة له، بالموازاة له نجد تكتلات عسكرية على شكل مجموعات مكونة من الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية وحلفاء اخرين.

مقالات ذات صلة بالموضوع

تنافس الأقطاب المسيرة للعالم

تغيير التوجهات الدولية

شهدت مؤخراالمناطق التابعة لنفوذ الناتو محاولات توسعية من الجارة الروسية الطامحة لإعادة أمجاد الإتحاد السوفياتي، فأوروبا في موقف ترقب بخصوص تطورات الأحداث الراهنة وتسعى عدم الرضوخ لضغوط بوتين وحلفائه، نفس الأمر ينطبق على دول شرق آسيا خاصة كوريا الجنوبية وتايوان واليابان والفلبين بانتظارهم قرارات كل من أمريكا وبريطانيا الطامحين لتجنب لعبة تغيير الكراسي في شرق القارة الأسيوية والضغط على كل قطب معاد لأمريكا وحلفائها خاصة بالقرب من الحدود الجغرافية لخصومهم، وإزاء متغيرات بالغة في التعقيد تخص استبدال الدولار الأمريكي في المعاملات التجارية والضغوطات العسكرية، فكل خطا قد يؤدي الى نتائج لا يحمد عقباها تحديدا بالنسبة للدول التي لا تحقق اكتفاءها الذاتي من المواد الاساسية.

هل سيصبح عالمنا ثنائي القطبية بزعامة الصين وحلفائها من جهة وامريكا وانصارها من جهة اخرى؟

مجموعة البريكس و الدولار

إن تزعم نظام الاقتصاد العالمي سواء من طرف الصين أو أمريكا وحلفائهم يعتبر اشكالية انتقالية بالغة في التعقيد، يصعب التنبؤ بموعدها وبمآلها، لكون التغيير يستلزم ارغام المنافس على التنحي تدريجيا من الأسواق المالية العالمية.

تظل عملة الدولار الامريكي متعاملا بها في أغلب دول العالم، بالموازاة فنظام البريكس يسعى أعضاؤه الخمس فرض ضغوط الهدف منها التحرر تدريجيا من هيمنة الدولار الأمريكي، لصناعة نظام عالمي اقتصادي متعدد الاقطاب. تمثل المعاملات التجارية السنوية بين كل من أوروبا والصين 900 مليار أورو، أما المعاملات الصينية الأمريكية فقيمتها تعادل تقريبا 750 مليار اورو.

توضح الإحصائيات الاقتصادية مؤخرا تفوق مجموعة البريكس بحصة 31,5% من الاقتصاد العالمي مقارنة مع مجموعة الدول السبع الصناعية المكونة من أمريكا، اليابان، ألمانيا، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا وكندا التي شكلت نسبتها المئوية 30,7% .

إن تفاقم حدة النزاعات في ملف تايوان قد يفرز متغيرات ستنعكس على مستقبل التوجهات الدولية في المجال الاقتصادي، مما سينتج عنه تضييق الخناق على الدول التي ارتفع فيها مؤشر التضخم بشكل مهول، تزاملنا مع تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية الراهنة.

تضغط روسيا على دول الاتحاد الأوروبي برفع أسعار مصادر الطاقة منذ بدء صراعها مع أوكرانيا، مما جعل رئيسة المفوضية الأوروبية والرئيس الفرنسي والمستشار الألماني مضطرين لتوسط صيني بهدف تقليص حدة الأزمة، ونظرا لمسافة الاف الكيلومترات التي يقطعها الغاز الأمريكي المسال للوصول لأوروبا بسعر مرتفع.

أوروبا بين أمريكا والصين وروسيا

ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية منذ ثمانية عقود خلت في التطور السريع لاقتصاد دول الاتحاد الاوروبي وتشكيل حلف الناتو للتعاون الأمني والاستخباراتي بالخصوص، لكن تطور أحداث الملف الأوكراني الروسي وانعقاد اجتماعات متكررة بخصوصه مع ممثلي الصين وروسيا و قادة القارة العجوز بهدف حل الازمات الاقتصادية الأوروبية،  والتي نتج بسببها صراعات في الشوارع الأوروبية خاصة في دول فرنسا المانيا وبريطانيا بسبب التضخم و الزيادة في الضرائب ورفع سن التقاعد، زاد من تفاقم أزمة الأوروبيين، قد ينتج عنه محاولات اختيار شركاء جدد في الساحة الدولية بإتباع استراتيجيات مختلفة تهدف لحماية مصالح أوروبا اقتصاديا وعسكريا وضمان امنها.

فهل ستستمر الشراكة ما بين الاتحاد الاوروبي وامريكا ام أن التدخل الصيني الروسي سيفرض تقليص العلاقات الأوروبية تدريجيا مع الولايات المتحدة الأمريكية؟

الموجه عبد الحي ابن يعيش

Najahnajahgo@gmail.com

من سيحكم العالم؟ أمريكا أو الصين؟

موريتانيا والمنافسة الغربية الروسية

صفحة الموجه.كوم على الفايسبوك

مقالات ذات صلة بالموضوع

موقعنا يستعمل الكوكيز لتوفير تجربة زوار تناسب احتياجاتكم.