الفهرس
كرة القدم وسياسة التضليل
عبدالحي ابن يعيش
تتعدد أدوات الإعلام الموجه لتضليل الجماهير بغية تحويل مسار قضاياهم الجوهرية ومطالبهم العادلة والمشروعة إلى أمور كمالية لا تخدم الشعوب بقدر حمايتها مصالح كبرى العلامات التجارية العالمية، الحكومات و القادة، ومن أهم هذه الأدوات لعبة كرة القدم.
كرة القدم وسياسة التضليل الممنهج
تعتبر متابعة مباريات كرة القدم والتحليلات المصاحبة لها هاجسا يسطو على الحياة اليومية، دون إدراك لمدى خطورتها وكيف بإمكان هذه اللعبة أن تصير أداة يستعملها صناع القرار لاخفاء أجنداتهم وخططتهم لترويض الراي العام.
تزعم النخب الحاكمة وأتباعها في أرجاء المعمور أن كرة القدم تقترن بحب الوطن، مرسلين إشارات غير مباشرة مفادها كون اللعبة تجسد صورة البلد في المحافل الكروية الإقليمية والدولية سواء أكان ناديا أو منتخبا.
تستمر هذه المسرحية حتى إنتهاء المنافسة سواء بالإقصاء أو التتويج، ثم يجد المرء نفسه مصدوما بوهم معالمه منسوجة بخيوط خفية محبوكة بتخطيط متقن تشارك في صنعه شركات دولية و منظمات عالمية و وممثلو حكومات شرعية منها وأخرى غير شرعية، قصدت ايهامه بالأفراح، المسرات أو عرضته للانفعالات والبكاء بعد كل مباراة، معطلة التحليل العقلاني وممررة باقة من الرسائل الإعلامية المشفرة الخالية من المصداقية والمهنية.
إلهاء الشعوب بكرة القدم
تقاس شدة قبضة حكومات العالم على رقاب شعوبها بدرجة قوة التضليل والخداع، وذلك من خلال توجيه سلوكهم وتقييد أفعالهم وتعزيز قوانين المراقبة والمتابعة والتخويف، لحماية مصالحها الخاصة.
أسئلة كثيرة يتحاشاها المواطن تارة غفلة منه والأخرى عن قصد من قبيل، هل يقترن التأهل للأدوار الطلائعية في ما يطلق عليه الأعراس الكروية بتحسين المسار التنموي للمجتمع؟ وهل ستتقلص الفوارق الطبقية اقتصاديا واجتماعيا؟
فالجواب يستخلص من درجة وعي المواطن وتصديقه أن تنافس الفرق والمنتخبات المتبارية يتسم بتطبيق صادق لقواعد كرة القدم العادلة المتجردة من كل الشوائب.. فترى الشعوب خاصة المسحوقة منها تتفاعل بشدة مع كل صغيرة وكبيرة طوال 90 دقيقة بحثا عن ضربات الجزاء أو الركنيات أو الأخطاء لتحقيق هدف مشروع يعوض المواطن وينسيه أهوال الحروب والعدالة الإجتماعية المسوقة لها من طرف أنظمة متحكمة تجيد إخفاء الوقائع لبناء مجتمع يتوافق وإملاءاتها للتغطية على إخفاقاتها ولحماية نفسها من التهديدات الداخلية.
كيف يعتبر التجمهر بعد الانتصار أو التعادل حبا للوطن وأن الخروج للمطالبة بأبسط الحقوق خرقا صارخا للقانون؟
يكثف الاعلام الموجه للشعوب محاولاته لنيل تصفيقها وتأييدها للمسرحية، والإثناء على جهود الحكومات لإسعادها بغية التصفيق والتهليل والتأثر بعظمة المشهد.
إن لم يستعد الاعلام دوره في الدفاع بضمير صاح في نقد الواقع والدفاع عن الحق، لإرساء الحقيقة صعبة المنال في عالم تملؤه العاطفة المزورة الممزوجة بالحماس الزائف من صناع رواد تشفير الصورة، فسيظل المتتبع تائها مغيبا حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
الموجه – عبد الحي ابن يعيش
كرة القدم وسياسة التضليل
أزمة حرية الإعلام في الدول العربية